– أيها الزعماء العرب ،
لقد أسقطت الثورة الشعبية نظام بن علي في تونس ، فماذا بعد ؟
– إذاً لابد من حجب فايسبوك وتويتر !
حسناً ، لقد كانت صبيحة جمعة الرابع عشر من يناير هادئة رفقة كوب القهوة وحسب الترتيب المعد مسبقاً لم أشأ ترك التلفاز متابعاً لآخر تطورات الإنتفاضة التونسية التي بلغت مستوى كنت على يقين أنها لن تعود به للوراء أبداً ، وخصوصاً بعد ذلك الخطاب المهزوز من الرئيس المخلوع بن علي ليلة الخميس ، والذي نطق فيه جملته الشهيرة ” فهمتكم .. أيه نعم فهمتكم ..” بعد ٢٣ عاماً فهم بن علي شعب تونس ، كما يبدو لي أنه أذكى رئيس عربي فلم يحتاج لوقت طويل فقد فهم الشعب في ٢٣ عاماً فقط !
تفهم أن الشعب يعاني الفقر ، وأن الشباب يعانون البطالة ، وأن الفساد مستشري ، وأن حرية التعبير مصادرة ، تفهم أن شعبه يعاني الظلم وتفتقر مؤسساته للعدالة الإنسانية ، تفهم أن الحريات عًدمت منذ زمن ! تفهم أن الكيل قد طفح ! وأن إنتحار البوعزيزي ليس سوى قطرة أفاضت الكأس !.
في الحرب العالمية الثانية كان تشرشل رئيس الوزراء البريطاني يفكر جلياً في إيجاد حل لإنقاذ بريطانيا من الدمار حيث كان هتلر يدّك لندن وضواحيها بـ ٥٠٠٠ غارة في الليلة الواحدة ، لم يتأخر الصباح كثيراً حتى سارع لدعوة وزرائه لإجتماع عاجل للإطلاع على حجم الخسائر التي تعرضت لها بريطانيا جراء القصف الألماني ، إستمع لوزرائه الذين أعطوا وصفاً أقل ما يقال عنه أنه كان ” مروّع ” وانها مسألة وقت قبل أن تتمكن النازية منها.
إلتفت تشرشل لوزير العدل وسأله ، كيف يعمل القضاء في البلاد ؟ هل القضاة يحكمون بالعدل؟ هل يوجد فساد في نظام القضاء البريطاني؟
أجاب وزير العدل أن كل شيء على مايرام وأن القضاء البريطاني نزيه .
قال تشرشل ، لطالما ان العدل قائم فبريطانيا بخير ، وسننتصر في النهاية مادام القضاة يمارسون مهامهم بشرف وعدالة ومسؤولية.
وبالفعل راهن تشرشل ونجحت بريطانيا بأكملها!
ان المجتمعات التي تعاني من فقر حاد في العدالة -الإنسانية – وينتشر فيها الفساد والظلم والغبن لايمكنها أن تصمد أمام بندقية ، فما بالك بحرب ! ولكم في العراق أقرب مثال لما حدث ، فمنذ أن وصلت قوات الغزو للعاصمة بغداد حتى سقطت بكل سهولة ، في تونس الأمر مختلف ، لم تسقط الدولة بيد آخرون ، لقد أسقط التونسيون نظام الدولة الذي إفتقر للعدالة الإنسانية ، واليوم ، في الجمعة الثانية بعد جمعة ١٤ يناير الساخنة تلك ، مصــر تنتفض ونظام دولة يحتضر ، ببساطة لأنه إفتقر للعدالة ، لكن المشكلة أن الرئيس هناك لم يفهم بعد ماذا يفعل الشعب في الشارع .