مدونة وقفات

نحن لا نحيا بمطارة آمالنا .. نحن ننحر الحياة قرباناً لنيل آمالنا..

سوق الثلاثاء مغامرة ممتعة

عدت للمنزل بعد جولة في شوارع طرابلس تحت زخات المطر ، كان جو ممتع خصوصاً بعد الزيارات العائلية بالعيد ، عدت للمنزل وإستقبلت مكالمة هاتفية تفيد بوقوع شيء ما في سوق الثلاثاء الجديد ( الذي تملكه جميعة وأعتصموا – على حد علمي ) وكان الخبر يشير وبدقة إلى إنهيار الطابق الترفيهي منه ، بصراحة الاشاعة كانت قوية جداً حتى انني سألت وإستفسرت أكثر فوجدت الخبر منتشر بشكل غريب .

كتبت ذلك التنويه في تويتر واعقبته بآخر فحواه إن كان هنالك من يستطيع تأكيد أو نفي الخبر ، لم أجد أي تأكيد أو نفي للحادث ، توجهت مباشرة لسوق الثلاثاء ، كانت الكاميرا على كتفي حيث أني لم أكتفي بكاميرا هاتفي النقال HTC ، عند دخولي وصعودي للمصعد كانت وجوه العائلات الخارجة من المكان سعيدة للغاية ، بسمات وضحكات هنا وهناك ، أوحى لي ذلك أن الخبر فعلا إشاعة ،كنت على عجلة من أمرى وصعدت المصعد مباشرة إلى طابق الأطفال ، وصلت للطابق المقصود وتجولت فيه كانت البشرية تستمتع بالوجبات السريعة والأطفال بالقطار المتحرك والألعاب الاخرى ، قمت بإلتقاط سبعة لقطات للجو الجميل ، سألت شخص يعمل هناك حول الاشاعة فقال لي ان هنالك قطع كبيرة من الزجاج الخارجي سقطت بفعل شي ما ، يمكن ان يكون بسبب الرياح او الصواعق المهم ان السبب غير معروف ، سبب ذلك بعض الفوضى في المكان وإنطلقت الاشاعات كالسهام.

تابعت جولتي والكاميرا في حوزتي وبمنظرها الكبير المفزع لرجال الأمن هناك ، فقابلني شخص في احد الزوايا وقال لي : التصوير ممنوع ، فأجبته أنني سأنهي هذا الآن ، بعد السبع صور إتجهت مباشرة إلى باب الخروج ، وأثناء نزولي بالمصعد المتحرك (والذي هو في الواقع متوقف)  ، فجأة أحدهم يمسكني من يدي وقال لي أنه يجب أن أتبعه ، ومسكني من يدي وعرفني بنفسه أنه من الأمن الداخلي فجاوبته أنني لن أهرب وسأكون معه أينما سيذهب ..

بالطبع وكما يقول المثل الليبي ( عمية وطاحت في خانب ) ماذا ستتوقعون ؟

ذهبنا لمكتب الامن هنالك في البداية كنت أنا وهو، ومن ثم أصبحوا 6 أشخاص بدون مبالغة ، وكل شخص يأتي يرفع صوته ويتحدث بصوت عالي يجعلك تشفق على نفسك أي مصير انت مقبل عليه وليثبت أنه رجل أمن ويوجه لي الإتهامات ، أبلغني أن الخطأ الذي إرتكبته أنني اقوم بالتصوير وأنهم يتتبعون الإشاعة حول إنهيار طابق بسوق الثلاثاء وأنهم يبحثون عن هؤلاء الناس وووو الخ وكأنه يخبرك انه يقف في دائرة مغناطيسية تجلب مروجي الاشاعة حتى سوق الثلاثاء أينما يقف هو، المهم انني كنت في قمة الهدوء في حديثي معه حتى سببت لهم هيستيريا متبعاً قاعدة مهمة جداً ( أن تكون على حق ، لا يستوجب أن يكون صوتك مرتفعاً ) ،وكأن رجل الأمن مهمته أصبحت ترعيب الناس وتهديدهم بالإيقاف

أمروني ( وليست صيغة طلب ) بفتح الكاميرا وأنهم يجب أن يروا الصور التي قمت بتصويرها، وقالوا لي أنهم سيقومون بمصادرة الكاميرا وأخبرتهم أن هذا لن  يحدث ، ومن ثم إنتقل مطلبهم لأخذ ذاكرة الكاميرا فرفضت وطلبت منهم الإكتفاء بحذف الصور فقط ، وبعد مد وجزر والإستفادة من خيار الإستعانة بالأصدقاء جلبوا أحد خبراء الحاسوب فقام بحذف الصور ، ومن ثم إسترددت الكاميرا  ، فقلت له إن كانت هنالك اشاعة فيجب أن تفسح للناس ان تتحقق لا ان تكمكم ما يحدث ، وبما أنه لم يحدث شي مما يُشاع فليس هناك ما يثير القلق .

خرجت بمأمن بعد أن ودعت صديقي بارك الله فيه على المساعدة ، التجربة لم تكن بسيطة ومستوى الحوار كان سيء للغاية وبأسلوب مستفز ضايقني ذلك كثيراً ..

فتحت هاتفي النقال وكان اول المتصلين علي الطويل  ومن ثم إتصل بي احمد بارك الله فيهم للإطمئنان وذلك بعد ان اختلست بعض الثواني لكتابة تويترة عن استجوابي بواسطة هاتفي النقال ، ولكل المتابعين الذين إستفسروا عن الحادثة من تويتر .

بصفة عامة إستخلصت دورساً من هذه الرحلة القصيرة التي إستمتعت بها :

1- أن تكون على حق ، لا يستوجب أن يكون صوتك مرتفعاً .

2- نحن بعيدين كل البعد عن إحترام أدمية البشر ، غطرسة رجل الأمن قد تفعل بك الكثير..

3- نحن شعب يعشق الاشاعات ، بدون سبب واضح ،ونستمتع بضعفنا .

4- الاشاعة تحتاج لاجراء حازم لتأكيدها او نفيها ، والاجراء الذي قمت به بالاتجاه مباشرة إلى هناك هو المناسب لمحاربة هذا المرض المنتشر بيننا .

5- سأفعل ما فعلته اليوم مرة اخرى إن سنحت الفرصة لي ، ولن تكون المرة الأخيرة .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،


‏“سوق الثلاثاء مغامرة ممتعة” نقاش حول التدوينة

  1. غازي القبلاوي

    تقرير تدويني متميز، لقد تصرفت بشكل حكيم ومتزن مع هؤلاء يجب الاستمرار في التدوين الصحفي الهادف لاظهار الصورة الحقيقية للواقع في البلاد بدون الوقوع في فخ التخويف والارهاب الذي تمارسه اجهزة الامن، وهم الآن يعلمون بأن الزمن تغير واصبح من الصعب عليهم اللجوء لاساليبهم القديمة. شكراً لك

  2. Pingback: يوميات: ثالث أيام العيد | طرابلسي

  3. حازم ديزاين

    ليس هناك دخان من غير نار . ربما فعلا ما حدث كان سقوط أحد النوافذ ..
    ههههه ذكرني موقفك بسوق الثلاثاء .. بموقفي مع رجال الأمن المصريين بمجمع Cty Stars حينما كنت أصور رفقة صديقي بكل طابق فتتبعنا رجل أمن وأخبرنا ان التصوير ممنوع .. ولكن كان ذاك باسلوب محترم حتى اننا اٌقنعناه بأن يصور معنا صورة شخصية فوافق وهو يبتسم .. نفس الحال صح ؟؟

  4. قاعد واقف

    وأنا “مكسد” في العمل سمعت واحد من الزملاء يستفسر إن كنت قد سمعت عن وقوع حادث في “مدينة الملاهي” والذي تسبب بمقتل بعض الأشخاص الذين كانوا بالمنطقة وحكى لي قصة طويلة عن تلك المأسى , ثم قررت أن أذهب إلى عمي غوغل للاستفسار ولأتمكن من تقوية القصص التي سأنشرها وأحكيها للناس “لاني شخص متحضر مثلي مثل هالمجتمع” وصدمت عندما علمت بحقيقة الواقع , وكيف تم تحويل القصة من سقوط زجاج لسقوط قتلى والجرحى.
    والله على ما أقول شهيد
    التوقيع واحد قاعد واقف

  5. Rspicting

    حمد لله على سلامتك قوله تعالى (( ولا تلقوا بايديكم إلى التهلكة ))
    لي تعقيب على هذا التصرف الغير حسن – سؤالي كيف تدخل السوق بالكاميرة وتصور من غير إستإذان لان في عائلات في السوق حط نفسك مكان الناس ومعاك زوجتك أو أمك وأختك ترضا إن يصورهم
    شنى بكون ردك على هذا التصرف ؟ ردك رح يكون عنيف :::: لهذا أعطي عذر للأمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *