مدونة وقفات

نحن لا نحيا بمطارة آمالنا .. نحن ننحر الحياة قرباناً لنيل آمالنا..

هل حقاً تقنعنا البساطة ؟

البساطة لا تقنع الكثيرين ، بالرغم من أنهم معجبين بها جداً ، يشيدون بها وينشرونها من حولهم ، خصوصاً لو تحدثنا عن نماذج تصميم المنازل البسيطة والصغيرة ، من الناحية الأخرى لا أحد يهتم بتطبيق تلك البساطة التي ينشرها من حوله.

هذه أربعة نقاط مهمة بالنسبة لي أحاول قدر الإمكان تمرين نفسي على الإهتمام بها أكثر وتطوير مفهوم البساطة لدي بها .

البساطة في الأكل :

هذه نقطة تحول كبيرة بالنسبة لي ، قبل خمسة أشهر لم أجد بديلاً عن الرياضة وتبسيط الأكل اليومي بحيث أصبحت لا أهتم كثيراً بتلك الوجبات الدسمة خصوصاً الشعبية لدينا في ليبيا ، فإستبدلتها تدريجياً بوجبات اخرى خفيفة غنية بالألياف قليلة السعرات الحرارية ، محاولة رمي تلك العادات السيئة في أن تشتهي مثلاً طبقاً الأرز الذي يحتوي على السمن والمكسرات أمر لم يعد ممكنا ( بالمناسبة لم أجد وصف دقيق لوجبة الارز بالخلطة خصوصاً التي تحتوي على الزبدة أو سمن البقر، المعذرة ) ، تبسيط الوجبة لأقل قدر ممكن بحيث تحتوى على الأرز فقط هو الحل الأمثل لمن يعاني من السمنة مثلي.

هذا مثال بسيط جداً تعلمت من خلاله كيف لتبسيط محتويات الوجبات الغذائية أن يمنحها أقل قدر ممكن من الضرر البدني ، لا تقنع هذه اللغة الكثيرون من حولي بكل تأكيد ، فلا أتوقع يوماً أن أعزم أحد الاصدقاء على هذه الوجبة .. 😀

 

البساطة في إختيارك للسيارة :

لم اكن يوماً من الذين تستهويهم السيارات السريعة أو التي بها أكبر قدر من الكماليات أو الأغلى ثمناً ، تعجبني اي سيارة تغــنيك عن زيارة مراكز الصيانة

e5d8157f55b7a1d3640f5ecd26762623على الاقل في الثلاث سنوات الأولى من عمرها ، فهذا مصدر قلق بالنسبة لي خصوصاً في ظل إستمرار غياب مراكز صيانة مؤهلة في ليبيا .

ما يستهويني فعلاً ويعجبني في السيارات ، تلك القديمة خصوصاً سيارات نهاية السبعينات من القرن الماضي ، لو تحدث عن فولفو أو مرسيدس أو BMW .. أستمتع جداً بهذه الموديلات ، كانت بسيطة وأنيقة والأهم أن عمرها الإفتراضي طويل ، كذلك صلابتها مهمة جداً لسلامة الركاب عكس قطع البلاستيك التي تسير على الطرقات اليوم .

ماذا لو خيروك في هذا الجانب ، هل ستوافق على إختيار الأبسط ؟ لا أعتقد بالمناسبة 😀

 

البساطة في المواقع الإلكترونية :

إنه مجال عملي وتثيرني هذه النقطة من التدوينة ، يعلم الكثيرون أن التطور الكبير الذي تشهده المواقع الإلكترونية هو لصالح البساطة ، لكن للأسف ليس لدينا ، من الصعب جداً إقناع أي زبون بتصميم موقعه بناءً على البساطة في التصميم وتقليل الصور والمحتويات بقدر الإمكان لإبقاء الزائر على إطلاع مريح بالمحتويات المهمة التي تدرجها في الموقع ، لكن يستحيل – بالنسبة لي على أقل تقدير – إقناع أي زبون بهذا الأمر .

سيحكم عليك بالفشل إذا ما قدمت أي مقترح تصميم بناءً على هذا الأساس – البـــســـاطة – أترك هذا الأسلوب جانباً عندما تصمم لأحدهم موقعه الإلكتروني ، وأبهره بالبهارات 😀

 

البساطة في المنزل :

نعم اعلم ذلك جيداً ، لو تناولت البساطة من جميع الزوايا فلن أنتهي من الكتابة قبل الغد ، إنها النقطة الأخيرة عزيزي القارئ ، وذلك لتبسيط التدوينة قدر الإمكان.

باب داء ودواء البساطة هو المنزل ، الحكاية تبدأ من هناك ، لو بدأ كلاً منا من تبسيط محتويات المنزل لكنا أفضل حالاً بكثير .

البداية من اساس البناء ، الكثيرين يفرطون في إستخدام القواعد والإسمنت ومواد البناء في بناء منزل ، فتجد القواعد الرئيسية للمنزل كبيرة وتصلح لبناء ستة أدوار وليس منزل عادي فحسب .

great-minimalist-home-designتجد المنزل مسقوفه أعلى بكثير من إحتياج الأسرة ، لكن الإصرار على هذه المساحة هو نظرة مبالغ فيها للمستقبل ، في حين أنه من المتوقع أن لا يسكن المنزل كل تلك المدة ، لكن تجده تائهاً في تلك المساحة الإسمنتية ، ولو كان على حساب رصيده البدني والمالي .

ثم لننتقل للأثاث ، ونرى كم غرفة جلوس في المنزل؟ كم غرفة إستقبال؟ كم يحتاج كل هذا من أثاث ؟ حسناً ماهي نوعية الأثاث المختارة ؟ هل اثاث بسيط وسهل النقل ولا يأخذ حيز كبير من الغرف ؟ ام انه ذلك الاثاث الذي يحتاج لعدد مبالغ فيه من العمل لنقله .

بالطبع كل ما زاد وزنه وثمنه ولن يكون غير ذلك ، تلك هي خلاصة إختياراتنا في الأغلب ! .

أعتقد أننا بحاجة لتغيير هذه النظرة ، انه ذلك المنزل الكبير والذي يجب أن يحتوي على غرف كبيرة جداً وعدد آخر كبير من الحمامات والمطابخ وغرف الضيافة ، متناسين أنه من الأفضل إختيار الأنسب لقدرتنا المادية وألا نورط أنفسنا في توافه الأمور.

 

الخلاصة :

كل ما كتبته هو فكرة صغيرة جداً عن كيفية تعاملنا مع البساطة ، وكان لا بد من العودة إلى عنوان التدوينة : هل تقنعنا البساطة حقاً ؟

جوابي : لا ، نحن فعلياً ليست لدينا اية قابلية لتطبيق البساطة في حياتنا ، نحن فقط معجبين بها وننشرها ونتحدث عنها ، لذا من الصعب أن تقنع الأخرين بمبدأ البساطة أو مبدأ عدم تحميل ذواتنا أكثر من طاقتها .

تكاليف الحياة تتزايد يومياً ، وعلينا أن نفكر في التقليل منها لا زيادتها، الشباب الذين سيبدأون حياتهم ، أحب أن أذكرهم – ونفسي – ، ان المشوار طويل أمامكم ، حاولوا تبسيط الحياة من حولكم ، لا أعني أن تحرم نفسك من اساسيات حياتك ، اسياسيات منزلك ، تنقلاتك وغيره ، بل تقنين كل تلك التفاصيل الزائدة في يومياتنا وتبسيطها .

هناك من لا يتصور حياته بدون تسوق مرة ومرتين حتى ثلاث في الأسبوع ، ومنهم لا يتصور حياته بدون سيارة فخمة أو بيت كبير وأثاث فخم .

يجب أن نفكر أكثر قبل ان نقتني أي شيء ، هل نحن بحاجة لكل هذا ؟ ، هذا السؤال يجب أن لا يغيب عن أذهانكم في كل مرة تود شراء سيارة جديدة ، في كل مرة تود اقتناء قطعة أثاث جديدة للمنزل ، شخصياً أرتكبت العديد من الأخطاء ولازلت ولا أعصم نفسي من كل الأمثلة الواردة والغير واردة في التدوينة لكني أحاول قدر الإمكان تذكير نفسي ، ولعله اهم دافع لكتابتي هذه التدوينة ، والتي لن تكون الأخيرة .

 

أودّ أن أشكرك إن وصلت لهذا السطر ، فالكثير من الكلام أحياناً لن يجد أذن مخلصة .


‏“هل حقاً تقنعنا البساطة ؟” نقاش حول التدوينة

    1. hakim

      البساطة مفتاح الوصول إلى مخيم اللحظات السعيدة ، ولايعلمك البساطة إلا بسيط ، وهل الوصول إليه ممكن؟ ورغم أن البساطة أمام ناظرينا،إلا أن بيننا وبينها بحار من الماديات التي قتلت فينا روح البساطة،فتحية لك مني ، ودعوة مني إليك في نادي البساطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *